[rtl]منظومة حَرَس وحارس[/rtl]
[rtl] حارس– حافظ – خازن – راصد – رقيب [/rtl]
[rtl]هذه الكلمات كلها تدخل قي منظومة الحماية وكل منها يعبّر عن وظيفة معيّنة.[/rtl]
[rtl]
الحارس: هو الذي يحمي المحروس من الخارج فقط وليس له علاقة بالداخل كالحارس الذي يقف خارج مبنى ما كالمعسكرات والسجون والمباني الحكومية والشركات وظيفته حماية هذا المبنى من الخارج فقط. وفي السماء ملائكة لا يعرفون ما يجري في الأعلى والحرس من الملائكة هم الذين يحرسون السماء من الشياطين والشهب والخلل كما في قوله تعالى في سورة الجنّ (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (). ووظيفة الحارس أيضاً عدم السماح لأحد بالدخول إلا بإذن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" عينان لا تمسهما النار عين حرست في سبيل الله" [/rtl]
[rtl]الحافظ: إن كان يعمل داخل المبنى فهو حافظ. والحافظ يتصرف من الداخل ويحمي المحفوظ من الداخل وينمّيه ويرقّيه ويطوّره ويحضر الأجهزة ونحوها. والحفظ هو العمل الدؤوب من الداخل وهو مباشرة المحفوظ من الداخل (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4) الطارق) فالحافظ داخلك يمنعك من الانحراف والسلوك الرديء . والملائكة الحفظة تعمل داخل الانسان أما الحُرّاس فخارجه (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) الأنعام). والحفظ هو رعاية المحفوظ رعاية كاملة من داخله. (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) يوسف) فسيدنا يوسف عليه السلام لم يكن يحرس وإنما كان يطوّر اقتصاداً ويقوم بمشاريع ويُنمّي ويُرقّي .[/rtl]
[rtl]وقوله تعالى في سوة الحجر (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)) سخّر تعالى أناساً يعملون على حفظ القرآن ويعملون من داخله شرحاً وتفسيراً وبيان إعجازه وعلومه العديدة.[/rtl]
[rtl]والحفيظ تكون بمعنى الحفظ والتحفّظ وهناك حفظ سلبي (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6) الشورى) كأن أتحفّظ على المجرم حتى لا يهرب وحفظ إيجابي (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) هود).[/rtl]
[rtl]فالحفظ هو التربية الإلهية المباشرة بدون أسباب من داخل الإنسان وهذا هو الحفظ من الله تعالى بأمره الملائكة الحفظة بحفظ العباد كما قال تعالى (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ (11) الرعد)[/rtl]
[rtl]قال تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) المؤمنون) فالحافظين فروجهم لا تعني فقط عدم الزنا فقد لا يزني المؤمن ولكنه ينظر إلى المحرمات ونحوه لكن الذي يحفظ فرجه أو تحفظ فرحها هم الذين لا يقربون مقدمات الزنا ولا يفعلون أي شيئ لا يليق بالمؤمن من الخضوع بالقول أو النظر أوغيره.[/rtl]
[rtl]قال تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) المؤمنون) وهناك فرق بين قوله تعالى (على صلاتهم دائمون) و(على صلاتهم يحافظون) وقائمون. فإقامة الصلاة تأديتها، والدائمون على صلاتهم تعني في أماكن الدوام الرسمي وهي صلاة الجماعة في المساجد أما يحافظون فهي تعني الحفاظ عليها من حيث تطويرها أولاً كالخشوع فيها والنوافل والمحافظة عليها من أن تُحبط ثانياً وهذا هو الأهم. ومحبطات الصلاة كثيرة كما في الحديث الشريف:" اثنان لا تُرفع صلاتهما فوق رأسيهما شبراً أخوان مُتصارمان وعاقّ لوالديه" فالمُصلّي الذي يُصلي صلاة عظيمة متكاملة لكنه عاقّ لوالديه تُحبط صلاته لأنه لم يحافظ عليها. في الحديث الشريف:" ثلاثة لا ينفع معهن عمل الشرك بالله وعقوق الوالدين والتولّي يوم الزحف". وفي الحديث الشريف أيضاً:" ثلاثة لن تُقبل لهم صلاة من تقدّم قوماً وهم له كارهون ورجل يأتي الصلاة دباراً ورجل صلّى على جنازة ولو يؤمر"، والذي يأتي الصلاة دباراً أي الذي يتعمّد أداء الصلاة بعد انقضاء وقتها وبدون عذر ورجل صلّى جنازة لم يُؤمر (ومن السنة أن يختار أهل الميت ويوافقون على من يؤم صلاة الجنازة فإن صلى بهم من غير موافقتهم أُحبطت صلاته. وممن تُحبط صلاته امرأة دعاها زوجها من الليل فأبت عليه.[/rtl]
[rtl]قال تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) النساء) هناك فرق بين أن لا تزني المرأة وبين أن تكون حافظة لفرجها. ولهذا وضع تعالى لكل شيء حدوداً وحمىً "ألا إن حِمى الله محارمه". فالقانتات هنّ الخاشعات في الصلاة المطيلات الدعاء فيها والصالحات الحافظات هن اللواتي تحفظن أزواجهن بالغيب كما تحفظهن في حضورهن فلا تخرجن إلا بإذنه ولا تخضعن بالقول مع الرجال ولا تتبسّطن بالحديث وتحرصن على مال زوجها وعرضه في غيابه كما في حضوره ولهذا قال تعالى (بما حفظ الله) "التي إذا نظر إليها سرّته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته في ماله وعرضه".[/rtl]
[rtl]ونقف عند قوله تعالى (الرجال) ويجب أن ننتبه إلى أنه تعالى لم يقل الأزواج بل قال الرجال كل الرجال فالأخ قوّام على أخته والأب على ابنته والزوج على زوجه وهكذا. وللأسف فقد فهم الكثيرون هذه الآية على غير مُراد الله تعالى فيها وقالوا فيها ما قالوا لصالح الرجال ولكن الآية واضحة فالله تعالى يقول (بما فضّل الله به بعضهم على بعض) أي أن الله تعالى فضّل الرجال بشيء وفضّل النساء بشيء أيضاً. وفي التاريخ الاسلامي كان يوجد في المدينة أكثر من ثمانين مجتهدة والسيدة عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما كانتا أتقى من بعض الصحابة. والرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث:"النساء شقائق الرجال". والرجل مفضّل على المرأة بقوته الجسدية وملائمته لتحمل مصاعب الحياة ومشاقّها والمرأة مفضّلة بصبرها وقوة تحملها ورعايتها لبيتها وزوجها وأولادها وصبرها على الحمل والولادة وعلى الزوج الشيء وعلى الولد الشقي وغيره.[/rtl]
[rtl]والتفضيل للرجال بما أنفقوا لأن الرجل مطالب بالانفاق على بيته وزوجه وليست المرأة مطالبة بذلك إلا إذا أنفقت من طيب نفسها وبلا إكراه فإن أكرهها زوجها على الإنفاق تسقط قوامته عليها. فالمرأة تنفق في بيت زوجها تطوعاً والرجل ينفق على بيته إلزاماً.[/rtl]
[rtl]وحفظ المرأة يكون من داخلها بطهارة القلب.[/rtl]
[rtl]قال تعالى (قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) ق) ومن هذه الكلمة نستطيع أن نتصور أن هذا الكتاب كأنه عاقل وكأنه جهاز عجيب يغيّر أعمالنا في حياتنا وبعد موتنا فمن قال اللهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات كان له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة وكون هذا الكتاب حفيظ أي أنه يغيّر الأعمال إلى أن تقوم الساعة ويمحو السيئات بالحسنات. والتوفيق والهداية من الحفيظ سبحانه.[/rtl]
[rtl]في الحديث الشريف أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه:" استحوا من الله حق الحياء قالوا نحن نستحي من الله قال ليس هذا لكن الحياء أن نحفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى وتذك الموت والبِلى" وحفظ الرأس وما حوى يكون بحفظ العينين واللسان والأذنين والعقل والتفكير وهذا الحفظ هو عملية تربوية هائلة والحافظ أكثر أجراً من الحارس.. وهناك أدعية كثيرة لاستجلاب الحفظ منها سورة الفاتحة وفواتح سورة البقرة وآية الكرسي وغيرها.[/rtl]
[rtl]
الخازن: حماية شيء مُهمّ في مكان واحد وعدم السماح له بالخروج إلا بأمر الملِك سواء كان المخزون مالاً أو أناساً أو كنزاً. يكون الشيء عادة في مخزن أو مستودع أو بئر ولا يُسمح لأحد أن يأخذه أو يدخل إليه ويقال خازن بيت المال فلا يسمح للمال بأن يخرج من بيت المال إلا بأمر من الملك، وخازن السجن لا يسمح للسجين بالخروج أو الدخول إلا بإذن، وكذلك خازن النار لا يسمح لأحد بالخروج من النار إلا بإذن الله تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) الزمر) (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ( الملك) (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) غافر).[/rtl]
[rtl]الراصد: يحمي المرصود من شيء واحد متوقع كـأن يأتي بلاغ بأنه سيكون هناك انفجار أو هجوم على مكان ما، الحارس لا يعرف عنه شيئاً فتُحضر الأجهزة المختصة فريقاً مدرباً يسمى الراصد يكون في مكان لا يراه أحد وهو خبير بدفع الشر عن المرصود. (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) الجن) (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) الجن). قال تعالى (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) الفجر) يوم القيامة سنحاسب وسيكون هناك رصد على الصراط ويحجب أن نمرّ على رب العالمين، والصراط فيه ثلاث قناطر الأولى يجلس عليها الرحِم والثانية الأمانة والثالثة رب العالمين ولا يعبر أحد الصراط إلا بعد أن يمرّ برب العالمين ولا يدخل الجنة إلا بعد رضى الله تعالى فإن كان العبد محكوم عليه بالجنة وهو قاطع لرحمه أو لم يؤدي الأمانة ولم يرض الله عنه فلا يدخل الجنة. وما من شيء أقسى على المؤمن يوم القيامة من جحد الأمانة وقطع الأرحام. يقول أبو حمزة الشيباني: المؤمن لدى الحق أسير إن المؤمن لا يسكن روعه ولا يؤمن اضطرابه حتى يخلِّف جهنم خلفه. وقيل: إن القرآن قلب عن كثير من الشهوات فالقرآن دليل والخوف محجّة والشوق مطيّة والصلاة كهف والصوم جُنّة والصدقة فكاك المؤمن والصِدق أمير المؤمن والحياء وزيره وربه عز وجل من وراء ذلك بالمرصاد. وقوله تعالى (إن ربك لبالمرصاد) تدل على أن التصفية النهائية للعبد لآخر خطو من خطلاات العبد باتجاه الجنة أن يعلم الله تعالى أن العمل كان خالصاً لوجه الله تعالى.[/rtl]
[rtl]الرقيب: هو الذي يحمي مصالح الأمة وهي من وظائف الملك أو رئيس الدولة أو من ينوب عنه وهو الذي يرعى مصالحها ويتابع حُسن أداء الدولة ويطوّرها ويسهر على تربية شعبه (رقابة) والرقيب مُخوّل من الملك أو هو الملك نفسه (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) النساء) (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) هود). وقد جعل الله تعالى بعض الملائكة تتابع حُسن أداء العبد في الحياة وارتباطه بالله تعالى. قال تعالى (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52) الأحزاب) فهو تبارك وتعالى يتولى بنفسه مراقية حسن أداء العباد. وكل ملك من ملوك المسلمين كان لديه أحد من أهل الصلاح يتابع حُسن الأداء في الدوائر ويكون اتصاله بالملك مباشراً ولا أحد يمنعه من الدخول (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق). الملائكة في البيت أنواع: حفظة، رقباء، مستغفرين،.. وقد يغادر الملائكة في بعض الأحيان مثلاً حياءً عندما يأتي الرجل زوجه، أو عند وجود صورة أو كلب في البيت. أما الرقباء فلا يغادرون أبداً ويراقبون حسن الأداء.[/rtl]